أفادت دراسة بأن أدمغة الناس الذين يقطنون المدن تعمل بطريقة مختلفة عن أولئك الذين يعيشون في البوداي.
فقد اكتشف علماء بجامعة هايدلبيرغ في ألمانيا أن منطقتين في المخ لهما علاقة بتنظيم الانفعال والقلق تنشطان بطريقة مفرطة بين سكان المدن عندما يتعرضون للضغط، ويجادل الباحثون بأن الاختلافات يمكن أن تكون مسؤولة عن المعدلات الزائدة لمشاكل الصحة العقلية التي نراها في المناطق الحضرية.
وأشارت صحيفة غارديان البريطانية التي نشرت الخبر، إلى بحث سابق أظهر أن الذين يعيشون في المدن لديهم خطر متزايد للإصابة باضطرابات قلق بنسبة 21% وخطر متزايد بنسبة 39% للإصابة باضطرابات المزاج. بالإضافة إلى أن حدوث فصام الشخصية (شيزوفرينيا) يتضاعف في أولئك الذين ولدوا ونشؤوا في المدن.
أما في الدراسة الجديدة التي قادها الأستاذ أندرياس ماير ليندنبيرغ فقد تم إجراء مسح ضوئي لأدمغة أكثر من 50 متطوعا من الأصحاء الذين عاشوا في مجموعة من الأماكن تتراوح من المناطق الريفية إلى المدن الكبيرة، بينما كانوا يشاركون في مهام حسابية ذهنية صعبة. وكان هدف التجربة جعل مجموعات المتطوعين يشعرون بالقلق بشأن أدائهم.
"
الذين يعيشون في المدن لديهم خطر متزايد للإصابة باضطرابات قلق بنسبة 21% وخطر متزايد بنسبة 39% للإصابة باضطرابات المزاج، بالإضافة إلى أن حدوث فصام الشخصية يتضاعف في أولئك الذين ولدوا ونشؤوا في المدن
"
غارديان
وقد بينت النتائج أن اللوزة (الجزء البندقي الشكل في المخ الموجود في الناحية الصدغية) لدى المشاركين الذين يعيشون حاليا في المدن كانت مفرطة في النشاط خلال المواقف العصبية. وقال ماير ليندنبيرغ "نحن نعلم ما تفعله اللوزة فهي أشبه بجهاز استشعار الخطر في الدماغ ومن ثم فهي مرتبطة بالقلق والاكتئاب".
وهناك منطقة أخرى في الدماغ تسمى القشرة الحزامية (المسؤولة عن التحكم في العاطفة والتعامل مع المكاره البيئية) كان نشاطها مفرطا لدى المشاركين الذين ولدوا في المدن.
واستنادا إلى الذين يفضلون حياة المدن والذين يقايضونها بالعيش في الأماكن النائية، اكتشف علماء النفس أن العامل المهم المسؤول عن هذا التباين هو درجة السيطرة المفترضة التي لدى الناس في حياتهم اليومية. والتهديد الاجتماعي وعدم السيطرة والتبعية جميعها مرشحات محتملة لتهدئة الآثار المجهدة لحياة المدينة وربما تكون مسؤولة عن كثير من الاختلافات الفردية.
واستنباط ماهية العوامل التي تسبب القلق في المدينة هو الخطوة التالية في محاولة فهم التأثيرات الصحية العقلية في المناطق الحضرية.
وقال ماير ليندنبيرغ إن التفكك الاجتماعي أو الضجيج أو الازدحام الزائد قد تكون جميعها عوامل مؤثرة. ومن ثم فإن هذا البحث يمكن الاستفادة منه مستقبلا في مراعاة تصميم المدن.
وأضاف أن "ما يمكن القيام به هو محاولة جعل المدن أماكن أفضل للعيش من وجهة نظر الصحة العقلية. وحتى الآن ليس هناك أدلة كثيرة تخبر مخطط المدن بما يمكن أن يكون جيدا وما يمكن أن يكون سيئا".